مبادرة سوق الاستثمار البديل
بورصة متخصصة للمشروعات الصغيرة و المتوسطة
العديد من الدول المتقدمة والنامية على حد سواء لجأت إلى إنشاء سوق متخصص لقيد وتداول الشركات الصغيرة والمتوسطة كمدخل لجذب الاستثمارات المحلية والأجنبية ، وإحداث طفرة فى نمو قطاعات محددة.
تعتبر المؤسسات الصغيرة والمتوسطة أهم رافد من روافد التنمية الاقتصادية والاجتماعية في البلدان المتخلفة والبلدان المتطورة، ذلك أنّها تشكل مجالا خصبا لتطور المهارات الإدارية و الفنية والإنتاجية والتسويقية، فهي تشكل مصدرا للإبداع والابتكار، بالإضافة إلى قدرتها الفائقة على المساهمة في زيادة الطاقات الإنتاجية و إستيعاب اليد العاملة فهي لا تتطلب أموالا ضخمة كما هو الشأن بالنسبة للمؤسسات الكبرى.
إلاّ أنّه في الواقع تواجه هذه المؤسسات إشكالية في التمويل تعيق تطورها، فرغم الجهود المبذولة لدعم وترقية المستوى التمويلي لها من خلال إنشاء مؤسسات مالية غير بنكيّة متخصصة بإتاحة مصادر تمويلية للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة إلاّ أنّه تبقى هذه الجهود غير كافية بالمستوى والكفاءة المطلوبة .
لذا تبرز بورصة المشروعات الصغيرة والمتوسطة كبديل مستحدث لتمويل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، حيث يعقد عليها آمالا كبيرة وعريضة في تمويل هذا النوع من المؤسسات لما لهذه البورصات من مزايا تجعل منها أفضل مصدر لتمويل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
إن المشاريع الصغيرة و المتوسطة بحاجة إلى مظلة قانونية لتشجيع دخول عدد من المستثمرين في مشاريعهم سواء كانوا محليين او عالميين, لاسيما أن هناك حاجة ضرورية إلى وجود تنظيم اقتصادي ينظم عمل هذه الشركات والمشروعات الصغيرة و المتوسطة , فهناك نقصاً قانونياً ومعلوماتياً في قطاع المشاريع الصغيرة يحتاج إلى تشريعات وقوانين تساعد في تنظيم هذا القطاع، الذي يعاني نقصاً كبيراً.
مزايا تأسيس سوق الاستثمار البديل ( بورصة متخصصة للمشروعات الصغيرة و المتوسطة):
• دعم الاقتصاد الوطني .
• دفع عجلة التنمية لهذا القطاع لما يواجهه من تحديات تعوق قدرته على التنافس والحفاظ على النمو المستدام .
• خلق سيولة جديدة .
• خلق فرص استثمارية و ذلك عن طريق جذب المستثمر المحلي و الاجنبي للسوق الكويتي و زيادة في تدفق السيولة .
• خلق فرص عمل جديدة للعديد من القطاعات و المهن مثل الميزانيات لا تتم الا بواسطة مكاتب المحاسبة و كذلك الاجراءات خروج و دخول الشركاء لا تتم الا بواسطة مكاتب المحاماة و كذلك البنوك و قطاع التأمين و مكاتب الاستشارات المالية ... الخ .
• تعد وسيلة لتمويل مشاريعها وإبراز أعمالها، بالإضافة إلى أنها تعد دافعاً لها لتحسين مستويات الحوكمة والإفصاح، مما يزيد فرص التوسع والنمو وتطور أعمالها.
• وجود مظلة قانونية رسمية تحت اشراف وزارة التجارة و الصناعة لتكون حلقة الوصل الاستثماري ما بين المستثمر و أصحاب المشروعات الصغيرة و المتوسطة.
• تعزيز مكانة الكويت في هذا القطاع أسوة بباقي الدول المجاورة .
• دمج المشروعات الصغيرة والمتوسطة التى تعمل بصورة غير رسمية فى منظومة الاقتصاد الرسمى.
• تعزيز ثقافة الاستثمار عند اصحاب هذا القطاع و عدم الاعتماد على التمويل عن طريق الاقتراض فقط.
• التمويل المباشر الذي يكمل التمويل البنكي او تمويل الصندوق الوطني.
• تنويع مصادر التمويل لضمان استمرار هذه الشركات و ديمموتها عن طريق دخول و خروج المستثمرين.
وسيكون لهذا السوق متطلبات ملائمة للشركات والمستثمرين لتشمل الفائدة أكبر شريحة من الشركات وتوفير بيئة استثمارية مناسبة.
ان تأسيس بورصة متخصصة سيساعد في تمويل المشاريع الصغيرة، التي لا تنطبق عليها الشروط التمويلية من المحفظة أو البنوك او من تعدى الحد المسموح له للحصول على التمويل و في حاجة لسيولة اكثر للتوسع في مشروعه و بالتالي يكون له باب آخر للتمويل و هو باب الاستثمار عن طريق دخول شركاء ، حيث توجد طلبات من قبل شركات أجنبية لدخولها كشريك مع مشاريع صغيرة كويتية ناجحة في عدة مجالات لكن لديها صعوبة في الاتصال بهم و الاطلاع على ميزانية مشروعهم بطريقة رسمية ، خصوصاً أن وجود بورصة متخصصة في هذا المجال يمثل فرصة مهمة للشباب الكويتي لتطوير مشاريعهم وتسويقها خارجياً وتدفق السيولة .
و عليه ستكون هناك ضوابط ومعايير لإدراج الشركات الصغيرة داخل البورصة المتخصصة تتماشى مع طبيعة عمل هذا القطاع .
الجانب التشريعي لتأسيس بورصة المشروعات الصغيرة و المتوسطة
المقترح القانوني الاول :
طبقا للقانون رقم 7 لسنة 2002 بشأن إنشاء هيئة أسواق المال وتنظيم نشاط األوراق المالية فان الجهة الوحيدة لاصدار ترخيص تأسيس بورصة المشروعات الصغيرة و المتوسطة هي هيئة أسواق المال و ذلك طبقا لما ورد في نص المادة (32) لا يجوز لأي شخص تأسيس أو تشغيل أو المساعدة على تأسيس أو تشغيل بورصة للأوراق المالية الا بعد الحصول على ترخيص بموجب هذا القانون ووفقا للنظم واللوائح التي تعتمدها الهيئة وتختص الهيئة دون غيرها بإصدار هذا الترخيص ، الا ان هذا الحق مقيد و ليس مطلق حيث يشترط ان يكون الشكل القانوني للشركات المدرجة ( شركات مساهمة) و ذلك طبقا لما ورد في المادة (33) من ذات القانون حيث تنص على : لا يجوز منح ترخيص بورصة الا لشركة مساهمة يحدد رأسمالها بقرار من مجلس المفوضين، و يكون نشاطها مقصورا على تشغيل بورصة الأوراق المالية , و حيث أن طبيعة عمل اصحاب المشروعات الصغيرة و المتوسطة قد أخذت غالبيتها شكل قانوني آخر وهو ( ذات المسئولية المحدودة أو مؤسسات) .
وبناء على ذلك يتعين اتخاذ احد الخطوات التالية :
1. تعديل الشكل القانوني للمشروعات الصغيرة و المتوسطة عن طريق تحويلها من شركات ذات مسئولية محدودة و مؤسسات الى شركات مساهمة و لكن باعتقادي في الواقع العملي صعب تحقيق هذا التحويل لان طبيعة عمل هذا القطاع لا يسمح بذلك .
2. تعديل المادة بإضافة شركات ذات مسئولية محدودة و المؤسسات و باعتقادي ايضا صعب جدا تحقيق لذلك لان آلية العمل في البورصة حسب قانون هيئة المال تختص بتداول الأسهم ( الاوراق المالية ) و بذلك يتعين وضع آلية خاصة تتناسب مع طبيعة ذات المسئولية المحدودة حيث نتحدث عن بيع و شراء الحصص عن طريق خروج و دخول الشركاء و بالتالي بحاجة الى آلية عمل مختلفة تماما عن منصة تداول الاسهم .
المقترح القانوني الثاني :
ان يتم تأسيس بورصة المشروعات الصغيرة و المتوسطة تحت اشراف مباشر من وزارة التجارة و الصناعة وذلك عن طريق تشريع قانون مختص و يتناسب مع طبيعة عمل هذا القطاع بعد أن يتم تغيير أسم الكيان ليصبح ( سوق الاستثمار البديل) و بذلك لن يكون هناك أي تعارض قانوني مع النصوص السابق ذكرها للقانون رقم 7 لسنة 2002 بشأن إنشاء هيئة أسواق المال وتنظيم نشاط األوراق المالية استغلالا لبعض الثغرات القانونية .
و قد يكون ذلك باحدى الطرق :
- أن يتم تعديل قانون رقم 98 لسنة 2013 في شأن الصندوق الوطني لرعاية المشروعات الصغيرة و المتوسطة باضافة يخول الصندوق بتأسيس هذا النوع من الاسواق بحيث يكون تحت اشراف الصندوق .
- أن يتم تعديل قانون رقم 116 لسنة 2013 بشأن تشجيع الاستثمار المباشر في دولة الكويت بحيث يخول الهيئة بتأسيس هذا السوق و يكون تحت اشرافه.
_ أن يتم تأسيس سوق الاستثمار البديل بواسطة وزارة التجارة بصورة مباشرة عن طريق تشريع قانون خاص بذلك .
معوقات التمويل التي يعاني منها هذا القطاع:
حيث تواجه المؤسسات الصغيرة والمتوسطة صعوبات ومعوقات عديدة عندما ترغب في الحصول على تمويل لنشاطاتها من القطاع المالي المنظم و لاسيما من البنوك التجارية أو حتى الصندوق الوطني ، ويمكن إيجاز أهم هذه الصعوبات في:
المبالغة في المطالبة بالضمانات، وبالقياس فإنّ غالبية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة لا تملك ضمانات رسمية أو مستندات قانونية تكفي لتلبية قيمة التمويل المصرفي الممنوح، فإن هذا يعني ضآلة فرص الحصول على التمويل اللازم لها.
صعوبة الحصول على القروض من خلال عزوف البنوك عن إقراض المؤسسات الصغيرة لارتفاع درجة مخاطر الاستثمار فيها، و عدم تحمسها لإقراض المؤسسات الصغيرة والمتوسطة لصغر حجم معاملاتها مع ما تكلفه هذه المعاملات من أعباء إدارية على البنوك.
محدودية حجم و نوع التمويل حيث غالبا ما تكون حجم القروض المتاحة من البنوك التجارية او الصندو الوطني محدودة وغير كافية لتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة خصوصا فيما يتعلق بالقطاع الصناعي فتكلفة شراء الارض الصناعية غالي جدا ، مع نقص شديد في التمويل طويل الأجل، وفرض نمط واحد في المعاملة من حيث فترات السماح ومدة السداد.
طول مدة الإجراءات حيث تعاني المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في البلدان النامية من البطء الشديد في معالجة ملفات طلبات التمويل بعد إيداعها على مستوى البنوك.
- عدم القدرة على اللجوء إلى الأسواق المالية: يمثل سوق المال ميزة تمويلية هامة، غير أن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة –النسبة الغالبة- غير قادرة على الاستفادة من هذا المصدر التمويلي لسبب عدم القدرة على طرح الأسهم والسندات في البورصة للاكتتاب لعدم توافر الشروط لذلك، وهذا ما يضيع على هذه المؤسسات فرصة كبيرة لتمويل استثماراتها.
نظرة عامة عن تجارب الدول
المرجع :عبد المطلب عبد الحميد "اقتصاديات تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة "، الطبعة الأولى، الدار الجامعية، الإسكندرية، 2009
• تم تأسيس أكثر من 36 بورصة متخصصة في المشروعات الصغيرة
• بورصة المشروعات الصغيرة والمتوسطة في بريطانيا: نشأت في عام 1995 من القرن الماضي، ولا توجد في هذه البورصة حد أدنى لعدد أو حجم أو عدد المشاركين أو حاملي الأسهم، و المؤسسات ليست في حاجة لوجود خط تمويل مسجل، وتوجد في هذه البورصة 1600مؤسسة مسجلة وبلغ إجمالي حجم التداول والمعاملات 61 مليار دولار أمريكي.
• بورصة المشروعات الصغيرة في إيطاليا: أنشِأت عام 2001 وتشير المعلومات المتاحة أنّ هذه البورصة معقدة كثيرا في قواعد تنظيم وإدخال المشروعات الصغيرة والمتوسطة بدرجة أكثر من المشروعات التي تعمل في الأسواق الرئيسية لوفير المزيد من الحماية للمستثمرين. وتضم حوالي 76 مؤسسة مسجلة فيها، ويبلغ قيمة حجم التداول السنوي حوالي 30 مليار دولار أمريكي وحجم السوق تبلغ 32 مليار دولار.
بورصة المشروعات الصغيرة في كوريا: أنشِأت في 1996، وتتميز بأنّها تأثرت بالنمو الكبير والضخم لقطاع تكنولوجيا في كوريا، وتضم 962 مؤسسة مسجلة فيها، وتبلغ قيمة حجم التداول والمعاملات السنويّة في المتوسط 450 مليار دولار وحجم السوق 780 مليار دولار ويبلغ معدل النمو السنوي لهذه السوق أكثر من 84,5 عام 2005 وتعتبر من أكبر معدلات النمو في بورصات العالم المثيلة.
• ويجب الإشارة إلى بورصة النيل للمشروعات الصغيرة والمتوسطة التي تأسست عام 2007 بهدف منح المؤسسات الصغيرة والمتوسطة فرصة للحصول على تمويل غير مصرفي، وبورصة النيل هي أول سوق يستهدف دعم وتمويل المشرعات الصغيرة والمتوسطة في الشرق الأوسط وأفريقيا، فهي تساعد تلك المؤسسات في الحصول على التمويل اللازم لها عن طريق قيد أسهمها في البورصة وفقا لقواعد قيد وإفصاح وتكلفة أقل مصممة خصيصا لسوق المؤسسات الصغيرة و المتوسطة وتوفر شروط ميسرة وذلك فيما يتعلق بالحد الأدنى لرأس المال وعدد المساهمين وعدد الأسهم.
• في عام 2012 تم تأسيس بورصة الجزائر للمشروعات الصغيرة و المتوسطة.
• و حاليا تم تأسيس هذا السوق في بورصة قطر تحت اسم قطاع الشركات الناشئة
• اما فيما يتعلق في السعودية و الامارات فهي في مرحلة الدراسة الا ان السعودية قد صرحت بان انطلاق بورصة المشروعات الصغيرة و المتوسطة ستكون في مطلع العام المقبل.
المحامية / أريج عبد الرحمن حمادة
2017-11-26