تعد الأعمال التجارية الحرة متناهية الصغر من الأعمال التجارية السهلة نظرا لقلة تكاليف التشغيل وعدم الحاجة إلي محل تجاري لممارسة الأعمال وتساهم في زيادة الدخل المادي للأفراد حيث لا يوجد حاجة لوجود رأسمال ولا يوجد حاجة لوجود عمال مع إمكانية تحقيق أرباح كبيرة .
أن إصدار التراخيص للمشروعات الحرة أو متناهية الصغر يعد بمنزلة البوابة الحقيقية لانطلاق المشروعات الصغيرة بشكل بارز وقوي في الكويت حيث أن إصدار تلك التراخيص ستقفز بالكويت وترفع بها لتصبح في مصاف الدول المتقدمة لتسهيل بيئة الأعمال والمشروعات الصغيرة.
الفكرة الأساسية لرخصة الأعمال الحرة متناهية الصغر فكرة جديدة في دولة الكويت ، ومن ثم ينبغي تحديد مدي نجاح هذه التجربة في ضوء المقارنة مع البرامج المشابهة في الدول الأخرى.
وحيث إن الفكرة الرئيسية من الرخصة المنزلية التجارية للمشاريع المتناهية الصغر هو مساعدة المواطنين على بدء مشروعاتهم الصغيرة من المنزل، أو من أي مكان آخر يراه صاحب المشروع مناسبا وهو ما يساهم في تقليل الكلفة التشغيلية ليتمكن صاحب المشروع من النهوض بمشروعه ليصبح مؤسسة قادرة على العمل والمنافسة في السوق حيث يعتبر ذلك من ضمن تهيئة المناخ الاقتصادي وتشجيع المواطنين على بدء أعمالهم الخاصة.
• مناقشة القرار الوزاري رقم 330 لسنة 2017 بشأن السماح بالترخيص للأعمال الحرة متاهية الصغر :
بتاريخ 25/6/2017 تم نشر القرار الوزاري رقم 330 لسنة 2017 الصادر من وزارة التجارة والصناعة في جريدة كويت اليوم الرسمية بشأن السماح بالترخيص للأعمال الحرة متناهية الصغر واعتبر نافذا من تاريخ نشره ، حيث قصد في تطبيق هذا القرار تنظيم الأعمال الحرة ذات الطبيعة الخاصة والتي يباشرها أصحابها دون الحاجة إلى وجود محل تجاري وذلك طبقا لما ورد في المادة الأولى من القرار سالف الذكر، وعادة ما يمارس هذا النشاط في المنزل أو الانترنت أو غيره .
المشاريع التجارية المتناهية الصغر :-
في تعريف مصطلح المشاريع متناهية الصغر ( بمقارنة بسيطة مع بعض الدول ) نجدها تختلف عن مفهومها عن دولة الكويت ففي اليابان تعرف المشاريع الصغيرة متناهية الصغر بأنها الأعمال التجارية التي تمارس وعدد العاملين فيها لا يتجاوز 50 شخص سواء باشرها أصحابها بواسطة محل تجاري أو بدون محل تجاري أما الولايات المتحدة فاعتبر المشروع متناهي الصغر في حالة كان عدد العاملـــين به أقل من 5 موظفين ورأسمـــاله لا يزيــد عــــــــــن -/35.000 ألف دولار أما جمهورية مصر العربية فطبقا لقرار مجلس إدارة البنك المركزي المصري والمنعقد بتاريخ 3/12/2015 والذي بناء عليه تم تعريف المشاريع الصغيرة متناهية الصغر بأنها الأعمال التجارية التي يقل رأسمالها عن 50 ألف جنيه مصري وحجم العمالة فيها لا يزيد عن 10 أشخاص وذلك بعكس الكويت في تعريفها لمصطلح المشاريع الصغيرة متناهية الصغر حيث لم يتم التطرق لمسألة حجم العمالة أو رأس المال فقد تم حصرها فقط في الأعمال التجارية (والأنشطة ذو الطبيعة الربحية ) التي تمارس دون حاجة لوجود محل تجاري ( والتي عادة ما تمارس من خلال المنزل أو الإنترنت ) لهدف تنظيم وتشجيع المواطنين والمواطنات على الإستثمار وممارسة الأنشطة التجارية وفق ضوابط وشروط خاصة .
• ممارسة القاصر للعمل التجاري :-
الأصل أن كل شخص له الحق في ممارسة النشاط التجاري ولكن هناك حالات محدودة يحظرها القانون وحيث أن التجارة تعد من أعمال التصرف التي تحتاج إلى درجة معينة من الإدراك والتمييز لذلك تم وضع شرط الأهلية القانونية التجارية لمزاولة النشاط التجاري في القرار الوزاري الكويتي وذلك طبقا لما ورد في البند الاول من المادة الثانية حيث ألزم بأن لا يقل سن صاحب الترخيص عن 21 سنة ما لم يكن مأذونا له بمزاولة التجارة ، ويقصد بالأهلية القانونية قدرة الشخص على التعبير بنفسه عن إرادته تعبيرا منتجا لآثاره القانونية أما الأهلية التجارية فالمقصود بها صلاحية الشخص لمزاولة الأعمال التجارية وما ينتج عنها من آثار قانونية ، ولكن هناك استثناء من شروط السن وهي حالة حصول القاصر على إذن من المحكمة لمزاولة التجارة وهي سلطة تقديريه للقاضي حيث تظل الأهلية التجارية للقاصر ناقصه في حال رفض القضاء الإذن له بممارسة التجارة وتكون بذلك أعماله باطله .
وفي هذا الصدد يثور التساؤل فيما يتعلق بممارسة القاصر للتجارة فئة المشاريع متناهية الصغر هل يحق له ذلك في حال حصل على موافقة ولي أمره أو الوصي عليه ؟ .
إن احتراف أي شخص للتجارة لا يعني بالضرورة أن هذا الشخص قد أصبح تاجرا أي أنه اكتسب صفة التاجر إذ يجب توفر الأهلية اللازمة إلى جانب احتراف العمل التجاري وهي صلاحية الشخص لاصدار عمل قانوني وترتيب الآثار القانونية على التصرفات التي يقبل القيام بها طالما لم تصب هذه الاهلية أي عارض من عوارض الأهلية من سفه أو جنون او غفله أو عته و إلا امتنع عليه مباشرة التجارة .
لذلك القاصر في القانون الكويتي لا يتمتع بالأهلية التجارية فلا يحق له أن ينشىء تجارة جديدة كما لا يجوز للولي أو للوصي أو للوصي عليه انشاء تجارة جديدة بأموال القاصر أو بإسمه واستغلاله لحسابه ولا يكتسب القاصر صفة التاجر .
ولكن في حال مارس القاصر الذي لم يبلغ سن 21 التجارة بطريق التدليس فإن هذا التصرف لا يكسبه صفة التاجر ويتحمل التعويض بسبب تصرفه الخاطىء ، إلا أن هناك استثناء من ذلك وهي السلطة التقديرية للمحكمة فلها أن تأمر باستمرار التجارة التي آلت للقاصر في حال أنها وجدت بأن في هذا مصلحة للقاصر وتقوم هذه المصلحة إذا رأت المحكمة أن التجارة القائمة تحقق أرباح فلا يكون من مصلحة القاصر حرمانه وفي حال وجدت المحكمة عكس ذلك فإن أعماله تعتبر باطلة .
أما فيما يتعلق بالأنشطة المسموح مزاولتها دون وجود محل تجاري فقد تم تحديدها على سبيل الحصر وذلك وفقا للقرار الوزاري رقم 135 لسنة 2016 وهي كالتالي :-
1- كافة أنواع الإستشارات فيما عدا تلك التي ينظمها القوانين المهنية .
2- تصميم الأزياء والملبوسات والأحذية والمجوهرات .
3- تصميم الديكورات الداخلية .
4- تصوير خارجي للمناسبات .
5- صيانة برمجيات و تصميم صفحات المواقع .
6- تصميم المواقع الإلكترونية ( ويب ) .
7- تنسيق وصيانة الحدائق .
8- مصور .
9- تنفيذ و إدارة المتاحف والمراكز الثقافية .
10- الترجمة .
11- تنظيم المعارض والمؤتمرات والمعسكرات الرياضية .
12- تنظيم البطولات الرياضية .
13- حجز وسائل النقل والفنادق والمطاعم والأماكن الترفيهية .
14- تصميم الهدايا والكماليات .
15- انتاج الصور المتحركة والأفلام .
16- تعليم الانشطة الرياضية والفنون .
17- تنظيم الرحلات السياحية والإرشاد السياحي .
18- خطاط ورسام .
وقد تم تحديد الأنشطة على سبيل الحصر وليس المثال مما يعني أي أنشطة أخرى لم يتم ذكرها في القرار الوزاري سالف الذكر غير مسموح مزاولتها دون وجود محل تجاري كالأغذية وصالونات التجميل والإعلانات التجارية والتسويق عن طريق مشاهير السوشيال ميديا وفي حال الإستمرار في ممارسة الأنشطة التجارية بدون ترخيص سيتعرض صاحبه للمسائله القانونية وذلك طبقا لما ورد في المادة 25 من قانون حماية المستهلك رقم 39 لسنة 2014 والتي تحظر الإعلان عن السلع والخدمات إلا بعد الحصول على ترخيص بذلك من الجهات المختصة وطبقا لنص المادة 30 من ذات القانون فإن العقوبة تصل إلى الحبس مدة لا تجاوز 6 أشهر وبغرامة لا تجاوز 500 د.ك أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من يخالف أحكام المادة 25 ، هذا ويجوز للمحكمة في حالة الحكم بالإدانة أن تقضي بالإضافة إلى العقوبات المحكوم بها مصادرة أو إتلاف السلعة محل المخالفة والأدوات المستخدمة في انتاجها على نفقة المحكوم عليه .
إضافة إلى ذلك فإن المادة 34 من قانون حماية المستهلك أعطت الحق للجنة عند ثبوت مخالفة أحكام قانون حماية المستهلك أن تلزم المخالف بتعديل أوضاعه وإزالة المخالفة فورا خلال فترة زمنية تحددها اللجنة في القرار ولها الحق بإصدار قرار بوقف تقديم الخدمة أو التحفظ على السلع محل المخالفة لحين انتهاء التحقيقات أو صدور حكم قضائي . وفي حال الإستمرار في ممارسة الأنشطة التجارية كالإعلانات وغيره دون الحصول على ترخيص بحيث يتم العمل بطريقة غير مباشرة فإن ذلك يقع تحت طائلة التدليس والتحايل للهروب من تطبيق القانون فلا يجوز للتاجر أن يلجأ إلى طرق التدليس والغش في تصريف بضاعته وإلا كان مسئولا عن التعويض كما ذكر في المادة 56 من قانون التجارة إضافة إلى مخالفة المادة 2 من قانون رقم 2 لسنة 1952 حيث تنص على أنه لا يجوز القيام بالإعلانات التجارية للترويج عن السلع أو الخدمات دون الحصول على ترخيص وذلك كله يخضع للسلطة التقديرية للقاضي بعد الإطلاع على الأدلة ككشوف الحسابات للتأكد من مصدر الأموال المودعة وسماع شهادة الشهود .
• حالات مستثناه من نطاق القرار الوزاري رقم 135/2016 و330/2017 :-
وطبقا لقانون التجارة الكويتي رقم 68 لسنه 1980 هناك استثناء من تطبيق القرار الوزاري فيما يتعلق بالأنشطة المحددة حيث نصت المادة (10) بعدم إعتبار صنع الفنان عملا فنيا بنفسه أو باستخدامه عمالا وبيعه إياه عملا تجاريا وكذلك لا يعد عملا تجاريا طبع المؤلف لمؤلفاته وبيعه إياه عملا تجاريا وكذلك المزارع طبقا لنص المادة (11) فإن بيع محصولاته لا يعتبر عمل تجارى وبالتالي يحق لهم الإستمرار بممارسة نشاطهم دون شرط وجود محل تجاري .
مقارنة قانونية بين التجربة الكويتية والإمارتية والأمريكية :-
رغم أن هذه الأنشطة عادة ما تمارس من خلال المنزل إلا أن الملاحظ عدم التطرق لذلك بصورة مباشرة بعكس التجربة الإمارتية والتجربة الأمريكية حيث تم وضع ضوابط وشروط صريحة وواضحة في اصدار هذا النوع من التراخيص والتي تمارس من خلال المنزل لحماية طبيعة المكان الذي يمارس فيه النشاط حتى لا يتم المساس بالحياة السكنية وعدم الإضرار بسكان هذه المنطقة والتي عادة ما تتمتع بحياة أسرية خاصة ، لذلك تم اطلاق عدة برامج في الامارات المتحدة منها برنامج اعتماد في الشارقة وبرنامج إنطلاق في دبي وبرنامج مبدعة في أبو ظبي لتنظيم العمل التجاري المنزلي بصورة واضحة وبالإطلاع على القرار الوزاري الكويتي نجد أن بنوده لم تتعد الست بنود وقد تم تحديد 19 نشاط على سبيل الحصر بعكس التجربة الإمارتية والتجربة الأمريكية حيث تم الإهتمام بتنظيم أدق التفاصيل .
ان التجربة الأمريكية والإمارتية واضحة وصريحة في التنظيم القانوني باعتبار هذه الأنشطة هي أعمال تجارية منزلية تهدف إلى الربح فتم حظر ممارسة بعض الأنشطة صراحة لأنها لا تتناسب مع طبيعة الأحياء السكنية حتى لا يتم المساس بالحياة السكنية وعدم الإضرار بسكان هذه المناطق حيث تتمتع بحياة أسرية هادئة وخاصة لذلك تم وضع ضوابط وقيود خاصة فتم حظر استخراج أكثر من ترخيص للأشخاص القاطنين في المنزل الواحد مما يعني اصدار رخصة واحدة فقط للمنزل بغض النظر عن عدد الأفراد القاطنين في المنزل مع تحميل صاحب المنزل المسئولية القانونية بالتضامن مع صاحب الترخيص عن أي مخالفات يتم ارتكابها أثناء مزاولة النشاط داخل المنزل إضافة إلى وضع قيد واضح وصريح خاص بحظر تأجير الترخيص للغير سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة وقد خلا القرار الوزاري الكويتي من تنظيم هذه المسائل والملاحظ أيضا في التجربة الإمارتية والأمريكية تم حظر وضع الإعلانات التجارية على المنزل أو أي شىء يدل على أن هذا المنزل يستغل لممارسة النشاط التجاري أو وضع عروض او بضائع على النوافذ أو الجدران بقصد لفت انتباه المارة وفي حال تم وضع أي من تلك الأمور داخل المنزل فيشترط عدم جواز رؤيتها من الخارج نهائيا إلا أن هناك استثناء من ذلك في التجربة الإمارتية حيث تم إلزام صاحب المنزل بوضع اعلان واحد فقط بمساحة قدمين عند مدخل المنزل يشتمل على رقم الترخيص ونوع النشاط أما التجربة الامريكية فقد منعت جميع أنواع التغييرات الخارجية للمنزل كالإعلانات او عرض البضائع أو حتى التخزين أو الآليات التجارية وقد خلا أيضا القرار الوزاري الكويتي من تنظيم صريح لهذه التدابير .
وحيث أن هذا النوع من التراخيص حديث وبالتالي عدم وضع بعض التنظيمات صراحة قد تعتبر ثغرة قانونية تسمح بوضع الإعلانات التجارية وعرض البضائع وغير ذلك من الأمور خارج المنزل .
• البيع بالتجزئة في الأعمال المنزلية التجارية : أما فيما يتعلق بنشاط البيع بالتجزئة فقد تم حظرها في التجارة الإمارتية بالنسبة للأعمال التجارية المنزلية بشكل عام بعكس الولايات المتحدة حيث منع البيع بالتجزئة منعا جزئيا وسمح فقط للأعمال التي تعتبر ملائمة ومقبولة والتي تتم عبر الهاتف النقال أو من خلال الطلب بالبريد أو عن طريق مواقع الإنترنت فإستخدام هذه الوسائل في بيع التجزئة لا يتطلب دخول متكرر للمنزل .
والبيع بالتجزئة عبارة عن عملية بيع السلع أو البضائع في مكان معين من خلال متجر أو من خلال البريد وتكون بكميات صغيرة وفردية للإستهلاك المباشر من قبل المشتري حيث يشتري التاجر البضاعة من خلال تجار الجملة ويبيع التاجر هذه البضاعة بكميات صغيرة للمستهلك بهدف الربح والكسب المالي وأحد أنواع البيع بالتجزئة هي التي يتم استعمال التكنولوجيا في التجارة وتوصيل البضاعة للمستهلكين دون شرط توفر محل تجاري حيث يتم ذلك من خلال مواقع إلكترونية متخصصة في التجارة لبيع كافة مستلزمات المستهلك أو عبر المنزل. وبالإطلاع على القرار الوزاري الكويتي المتعلق بالأنشطة الحرة متناهية الصغر المسموح بترخيصها لم يتطرق لمسألة البيع بالتجزئة بصورة واضحة وصريحة حيث سمح بالترخيص لممارسة تصميم الأزياء والملبوسات والأحذية والمجوهرات ولكن لم يتم التطرق لمسألة صناعتها وبيعها .
وهنا يثور السؤال هل يعتبر البيع بالتجزئة دون وجود محل مسموح به بالكويت أم محظور ؟
في الكويت البيع بالتجزئة دون وجود محل تجاري محظور فقد اقتصر بالسماح لتصميم المنتجات سواء أزياء أو مجوهرات أو أحذية أما انتاجها وصناعتها وبيعها فيلزم توفر محل تجاري لعدم ذكر ذلك صراحة .
ويثور تساؤل آخر ما هو وضع تجار البيع بالتجزئة الذين يمارسون أصحابها هذا النشاط دون وجود محل تجاري في حال تم تأجير مساحات محددة ولفترة محدودة في المعارض المرخصة ؟
في هذه الحالة أرى أن وضعهم القانوني يعتبر سليم وفقا لقرار وزارة التجارة ولكن لفترة مؤقتة وهي فترة تأجيرهم مساحة من الأرض خلال فترة المعرض حيث تعتبر هذه المساحة بمثابة المحل التجاري بمعنى مجرد انتهاء المعرض ينتهي الشكل القانوني الذي يعطيهم الحق لممارسة نشاط البيع بالتجزئة سواء كان هذا البيع ناتج من تصاميمهم الخاصة أو بضائع مستوردة .
هذا وقد تم إضافة نقاط خاصة بحماية البيئة والصحة والسلامة و ذلك طبقا لما ورد في البند الثالث والرابع من القرار الوزاري سالف الذكر إلا أن هذه البنود جاءت بصياغة عامة دون وضع ضوابط وقيود واضحة ليسهل تطبيقها وتنفيذها بعكس التجربة الإمارتية والأمريكية حيث تم الإهتمام بوضع العديد من الضوابط والشروط وفيما يتعلق بالأنشطة التجارية المسموح بمزاولتها دون محل تجاري فقد احتوت التراخيص التجارية المنزلية في الولايات المتحدة على أنشطة عديدة منها الصناعة المنزلية كصناعة الأحذية وصناعة الملابس وصناعة العطور وصناعة الدمي إضافة إلى نشاط المبيت ونشاط دور الرعاية بالأطفال وقد تم تحديد الحالات التي يمنع فيها ممارسة العمل التجاري المنزلي كالمشاريع الخاصة بالرعاية بالحيوانات أو تدريبها وكذلك عدم السماح بمزاولة الأنشطة التجارية المنزلية المتعلقة ببيع المركبات الآلية وصيانة هيكلها لأن طبيعة هذه الآلات كبيرة جدا ولا يمكن تخزينها في المنازل إضافة إلى أن هذا النوع من الأنشطة تصدر الكثير من الروائح الكريهة والضوضاء والدخان وتسبب تلوث بيئي.
وحيث ان طبيعة عمل بعض الأنشطة التجارية لا تتناسب مع الأحياء السكنية لأنها تساهم بجذب الكثير من الناس إضافة إلى إصدار روائح كالمطاعم ومحارق الجثث لذلك تم حظرها أيضا في الولايات المتحدة . والملاحظ أن بعض الأنشطة التجارية المنزلية تم حظرها في بعض الولايات في أمريكا والسماح بها في ولايات أخرى مثل صالونات التجميل والحلاقة والعناية بالأظافر لأنها تجذب الكثير من الناس أيضا فيما عدا ولاية كولومبيا حيث يسمح قانونها بممارسة هذه الأنشطة داخل المنزل.
إضافة إلى ذلك تم حظر تخزين الأدوية أو أي مواد سامة أو أغذية ضارة بالصحة العامة أو البيئة أو أي بضائع أخرى تضر أو تسبب إزعاج للجيران أو القاطنين بتلك المنطقة على عكس التجربة الكويتية حيث تنص الفقرة 4 من المادة 2 من القرار الوزاري على عدم مباشرة أي أنشطة ضارة بالبيئة فقط ، فكانت صياغة عامة غير واضحة تجعلها صعبة التطبيق في الواقع الفعلي . وبالإطلاع على التجربة الأمريكية نجد العديد من القيود كذلك لمنع الآثار الخارجية المزعجة كربط المستويات المقبولة من الآثار الخارجية مع المصادر السكنية المشتركة مثل عدم تجاوز الضجيج مستوى صوت جهاز ضاغط مكيفات الحرارة والملاحظ اهتمام البنود في التجربة الأمريكية على وجود جملة ( دون ترك أثر ) والأمر الأساسي بالنسبة للمعايير عوضا عن منع التغييرات المادية الخارجية يمكن الطلب بإعادة تصميم المكان الذي يمارس بها عمل تجاري منزلي مع الشخصية المميزة للمنطقة السكنية ففي التجربة الإمارتية ألزمت صاحب الترخيص بتخصيص ملحق خارجي ومنفصل عن المنزل ، وكذلك تم الإهتمام في تنظيم ساعات العمل بحيث يشترط العمل خلال ساعات مقبولة لتقييد حركة الدخول والخروج لذلك تم تقييد عدد الزوار في التجربة الأمريكية وكذلك تقييد ركن السيارات التابعة للعمل التجاري المنزلي وأخيرا تقييد عدد الموظفين أو منعهم تماما في حين صمت المشرع الكويتي عن التطرق لتنظيم مسألة الضوضاء والإزعاج .
• طرق التراسل القانوني :-
والملاحظ أن أحد أهم الشروط اللازم توافرها للحصول على الموافقة بإصدار الترخيص في الكويت هو توافر صندوق بريدي معتمد وعنوان إلكتروني أو الموطن المختار بشرط ألا يكون مسكنا خاصا .
وتعريف الموطن المختار : هو الموطن الذي يتفق عليه الخصوم كتابة بإتخاذه محلا لتنفيذ عمل قانوني معين واعتباره محلا للمراسلات والإعلانات القضائية المتعلق بالعمل التجاري المتفق عليه وتعتبر مكاتب المحامين موطن مختار للموكل الذي حرر وكالة للمحامي صاحب المكتب ويختلف الموطن المختار عن الموطن الخاص حيث يعرف الموطن الخاص بأنه موطن إدارة الأعمال الذي يباشر فيه الشخص تجارته أو حرفته والأصل أن يتم الإعلان في الموطن الأصلي إلا أن المشرع أجاز اعلانه في الموطن المختار إن وجد فهي تعتبر وسيلة بديلة عن التراسل بالصندوق البريدي والبريد الإلكتروني .
وهنا يطرح تساؤل ما هو المبرر أو سبب ربط الصندوق البريدي والبريد الإلكتروني ؟
رغم أنهم يمثلون وسائل بديلة ومختلفة فالأولى تعتبر وسيلة ورقية والثانية تعتبر وسيلة إلكترونية وبما أننا في مرحلة إنتقالية لذلك لا مانع من الإبقاء على الطرق والوسائل القديمة وعدم إلغاء التعامل بها ولكن لا يوجد إرتباط منطقى بينهما فهما يعتبران بديلين عن بعض لذلك كان الأفضل أن يتم إضافة حرف ( أ ) قبل حرف ( و ) ليكون البند كالتالي ( الصندوق الإلكتروني أو البريد الإلكتروني ) بدلا عن الصيغة الحالية (الصندوق البريدي والبريد الإلكتروني ) لإعطاء حق الإختيار في مسألة التراسل لصاحب المشروع دون الزام الأفراد بوجودهما معا خصوصا أن القوانين الكويتية الحديثة دعمت التراسل الإلكتروني وأعطته القوة القانونية وذلك طبقا لبنود قانون المعاملات الإلكترونية رقم 20 لسنة 2014 إضافة إلى أن المسائل التجارية تتميز بحرية الإثبات حيث يجوز الإثبات بكافة الطرق طبقا لما ورد في قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية رقم 25 لسنة 1968 وكذلك طبقا لقانون التجارة الكويتي رقم 68 لسنه 1980 وتعديلاته وفيما يتعلق بالإعلانات القضائية فقانون المرافعات المدنية والتجارية رقم 38 لسنه 1980 أعطى الحق للمتعاملين بالأعمال التجارية بالإعلان القضائي بالطرق المتفق عليها لأن المعاملات التجارية لها طبيعة خاصة حيث تحتاج السرعة والثقة فهي أحد دعائم ازدهار التجارة لذلك كان الأفضل الإستفادة من القوانين التي تسعى إلى تحرير المتعاملين في القطاع التجاري من القيود بعيدا عن التعقيدات وتبسيطها وعدم إلزام طالب الترخيص في حال اختيار التراسل الإلكتروني بضرورة وجود صندوق بريد فهو تكرار لا معنى له وتحميل صاحب المشروع بإلزام غير مجدي بسبب التشبث بشىء قديم فكأن الصياغة جاءت لتعيق العمل التجاري بدلا من تبسيطه .
وجاءت المادة الرابعة من القرار الوزاري لتحدد مدة الترخيص بثلاث سنوات تماما كما هو مقرر في الشروط الواردة بترخيص الأعمال التجارية المنزلية في الإمارات حيث أن الفكرة الرئيسية من الرخص المنزلية التجارية هو مساعدة المواطنين على بدء مشروعهم الصغير لذلك تم تقييد الفترة الزمنية فالكلفة التشغيلية للمشروع هي في رسم الرخصة دون الإضطرار إلى دفع إيجار شهري ، فإطار العمل وفق هذه الرخصة هو تقليل الكلفة التشغيلية ليتمكن صاحب المشروع من النهوض بمشروعه ليصبح مؤسسة قادرة على العمل والمناقشة في السوق حيث يعتبر ذلك من ضمن تهيئة المناخ الإقتصادي وتشجيع المواطنين على بدء أعمالهم الخاصة . وقد تميزت التجربة الإمارتية في منح تراخيص الأعمال التجارية المنزلية بوضع العديد من التدابير والترتيبات والإجراءات المناسبة لفرض الرقابة على هذه الأنشطة التي لها طبيعة خاصة بما في ذلك القيام بزيارات تفتيشية للمنازل وذلك للتحقق من حسن إستخدام الرخصة بصورة صحيحة بشرط الحصول على موافقة مسبقة من الجهات المختصة والحصول على إذن مسبق من سكان المنزل هذا و يلزم كتابة تقارير دورية أثناء التفتيش وأحد التدابير المهمة والضوابط الأساسية في التجربة الإمارتية هو وجود بند واضح و صريح يحظر ممارسة أي نشاط تجاري منزلي ربحي دون الحصول مسبقا على ترخيص لممارسة العمل التجاري والمنزلي من الجهات المختصة وتم وضع مجموعة من العقوبات الإدارية والقانونية لمن يخالف ذلك .
أما التجربة الكويتية فقد خلت من وجود نص صريح وواضح بذلك ولكن تم تحديد الأنشطة التجارية التي يسمح ممارستها دون وجود محل تجاري مما يعني كل نشاط تجاري يمارس دون توفر محل تجاري ولم يذكر في القرار الوزاري رقم 330 /2017 يعتبر مخالف و سيعرض نفسه للعقوبات المشار إليها في قانون حماية المستهلك الذي يمنع ممارسة العمل التجاري والإعلان عن السلع دون الحصول على ترخيص من الجهات المختصة بذلك والنيابة العامة هي الجهة المختصة بالتحقيق في هذه المسائل .
كذلك لم يكن هناك اهتمام بوضع بنود واضحة وصريحة فيما يتعلق بتصاريح العمل ففي التجربة الإمارتية تم حظر استخراج أية تصاريح عمل تماما ، إضافة إلى منع دخول أطراف أخرى غير المواطنين الامارتيين في أن يكون لهم دور مباشر أو غير مباشر في أعمال الرخصة التجارية المنزلية ولكن هناك استثناء من هذا الحظر وهو حالة المستخدمين في المنزل ( العمالة المنزلية) بشرط أن يكون لهم دور ذو طبيعة مؤقتة وبشكل متقطع بمعنى مجرد المساعدة بحكم وجودهم في المنزل وذلك في حالة الضرورة وقد تم وضع عقوبات لمن يخالف ذلك إضافة إلى هذه التدابير تم منع تأجير الترخيص للغير ببنود واضحة وصريحة أما فيما يتعلق بالأنشط التجارية المنزلية التي يمارسها أصحابها في المنازل المؤجرة فقد تم تنظيم هذه المسألة في التجربة الأمريكية حيث تم وضع مجموعة من الضوابط والشروط منها على سبيل المثال الحصول على موافقة كتابية من صاحب العقار المؤجر بممارسة العمل التجاري داخل المنزل أو أن يذكر ذلك في بند خاص في عقود الإيجار تعطي الحق للمستأجر بذلك .
واهتمت بعض الولايات في أمريكا بدعم النشاط التجاري المنزلي مثل ولاية كاليفورنيا وذلك بوضع مواد شديدة الوضوح من حيث بطلان العقود أو الإتفاقيات التي تشمل على نصوص ومواد تمنع ممارسة العمل التجاري المنزلي .
• الآثار السلبية للرخص التجارية المنزلية :-
والملاحظ ظهور بعض الجوانب السلبية في التطبيق العملي لممارسة الأنشطة التجارية المنزلية في الإمارات حيث تم استغلال بعض الثغرات القانونية من قبل بعض المؤسسات المالية والبنوك وذلك بعد قيامهم بخطوة أضرت كثيرا أصحاب تلك الرخص وذلك عن طريق منحهم القروض ورفع سقف الإقتراض الشخصي للأفراد المالكين لتلك الرخص دون وضع ضوابط لمسألة منح القروض الشخصية وعدم تحري الدقة في التحقق من المشروع المستهدف تمويله مما أدى إلى توريط عدد كبير من المواطنين أصحاب الرخص التجارية المنزلية في عدم قدرتهم على سدادها حيث حصل البعض على التسهيلات المالية لأغراض ليست لها علاقة بتطوير الأعمال التجارية كشراء السيارات الفارهة أو لغرض السفر السياحي أو شراء المجوهرات وهذا كله يتعارض من الهدف من منح هذا النوع من الترخيص وهو خلق جيل جديد من رجال الأعمال عن طريق مساعدتهم في تطوير مشروعهم التجاري في بيئة إقتصادية مناسبة ويجب على المؤسسات المالية أن تقوم بدورها الطبيعي في مساعدة المواطنين من خلال تقديم التمويل المناسب له وتطويره وليس إغراق المواطن صاحب الرخصة المنزلية التجارية بالديون المصرفية وتوريطه وتم ذلك عن طريق انشاء ادارة مختصة للمشاريع المتناهية الصغر ، كما تفضل العديد من البنوك العالمية بمنح من يمارس عمله التجاري في هذا القطاع قروض خاصة وفق ضوابط ويطلق عليها بالقروض الصغيرة أو البسيطة حيث تتراوح فترة السداد ما بين 4 شهور إلى 3 سنوات ومتوسط مبلغ القروض الذي يتم منحه لهم من 250 د.ك إلى 500 د.ك بغرض شراء المعدات لتطوير مشروعهم .
والقرض هو قيام شخص وهو الدائن بمنح أموال إلى شخص آخر يطلق عليه المدين ويلتزم المدين بضمانه مقابل تعويض مادي وهي الفائدة وذلك لفترة محددة من الزمن يلتزم المدين بسداده بعد إنقضاء الفترة المتفق عليها الطرفين مسبقا وهناك العديد من التصنيفات للقروض التي يمكن للبنوك منحها للعملاء وفق ضوابط ومعايير منها على سبيل المثال القروض الصغيرة والبسيطة وأحد مميزاتها هو عدم تحمل العميل عمولات البنك والمصاريف الإدارية لهدف تشجيع أعمالهم التجارية .
المحامية / أريج عبد الرحمن حمادة
2017-08-13