لطالما استنكرت قصة البطة السوداء في صغري، فقد كنت دائما أردد في قلبي هل يعقل ذلك؟ أحقا هناك أم تتخلى عن ابنها فقط بسبب قبحه واختلاف لونه عن باقي اخوته؟ إلا أنني مع الأسف الشديد استعدت هذه القصة وبقوة الآن وأنا اتأمل قرارات الحكومة والتي غلب عليها طابع التمييز العنصري بين المواطنين، ولو رجعنا لتعريف العنصرية نجدها الاعتقاد بوجود فروق موروثة بطبائع الناس وقدراتهم لانتمائهم لجماعة ما أو لعرق ما أو للون ما، وبناء على ذلك تتم معاملتهم بشكل مختلف. ولكن في بلدي تم ابتكار نوع جديد من العنصرية وهو التمييز الوظيفي ونتج عن ذلك تفرقة عالية في رواتب المواطنين مع صمت رهيب من أعضاء مجلس الأمة مع العلم هم ينتمون لذات الوطن ويتمتعون بذات الجنسية والخبرة والشهادة والتخصص ذاته. لذلك هو لغز محير جدا، ومع الأسف لم استطع حله، فما الأسباب الحقيقية التي تقف خلف ذلك؟ هل المطلوب انقسام الكويت مستقبلا الى طبقات؟ طبقة غنية وفقيرة؟ خصوصا في ظل غياب كبير على رقابة الأسعار من قبل الجهة المختصة. وبسبب هذه التفرقة أصبح لدينا نوعان من المواطنين، مواطن يصرف ببذخ ومواطن بالكاد يكفيه راتبه لسداد مصاريفه الأساسية بسبب انعدام العدالة في توزيع الرواتب فيما بين المواطنين. وبذلك كسرت الحكومة مادة دستورية مهمة والتي تحث على ان الناس سواسية في الكرامة الإنسانية وهم متساوون لدى القانون في الحقوق والواجبات العامة، وتعتبر المساواة قائمة حين تكون هناك مساواة بين الأفراد ذوي المراكز القانونية المتماثلة. والأسوأ من ذلك هناك من يطالب بزيادة الظلم على المواطن العادي عن طريق تقديم اقتراح بتخصيص أراض تكون فيها الأولوية للمواطنين ذوي الوظائف المخملية، في الوقت الذي تعاني الكويت من أزمة سكن. وبناء على ذلك تولدت لدينا فئة جديدة من المواطنين بسبب هذا الابتكار الجديد من العنصرية ليصبحوا من فئة البطة السوداء، كل الذنب الذي ارتكبه هذا المواطن عدم محسوبيته على فئة معينة لذلك يحصل على وظيفة عادية وراتب عادي ولن يحصل على بعثة دراسية او علاج بالخارج وينتظر سنوات للحصول على أرض.. الخ. ان لم يتم تدارك هذه المشكلة الجديدة بحق المواطن الكويتي والتحرك الفعلي والسريع لحلها لاعادة الأمور الى نصابها فحتما ستكون العواقب وخيمة مستقبلا، ففرقية الرواتب يجب ان تكون بطريقة مدروسة وبالمعقول.
المحامية / أريج عبد الرحمن حمادة
2017-07-18