بقلم : أريج حمادة بتاريخ 23/10/2013 كتبت مقالا عن «التمييز الوظيفي» تناولت فيه غياب العدالة الاجتماعية بين أفراد المجتمع الكويتي نتيجة عدم الاحتكام إلى مواد الدستور من قبل الحكومة، وذلك بسبب قيام بعض أعضاء البرلمان بابتزازها لهدف تحقيق تكسبات شعبية انتخابية فيما يتعلق بمسألة إقرار الكوادر الوظيفية لبعض الجهات الحكومية، ما يعني انتهاك العدالة في توزيع الثروة، وهو أمر مخالف لنص المادة (7) من الدستور حيث العدالة والمساواة من دعامات المجتمع. واليوم مع الأسف يستمر بعض النواب باتباع نهج التسلق البرلماني على القضايا الشعبية لتحقيق مكتسبات انتخابية ضاربين بالمصلحة العامة عرض الحائط، ومثال على ذلك مطالباتهم الأخيرة بمنح ميزة تمس شريحة واحدة فقط من المجتمع وحرمان باقي الشرائح منها، حيث يطالب بعضهم بإلغاء العائد المترتب على القروض الممنوحة للمتقاعدين من قبل المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية بحجة وجود مخالفة دستورية للمادة (11) التي تنص على أن (تكفل الدولة المعونة للمواطنين في حالة الشيخوخة أو المرض أو العجز عن العمل كما توفر لهم خدمات التأمين الاجتماعي والمعونة الاجتماعية)، إلى جانب ادعائهم بأن منح القروض هو من عمل البنوك وبناء عليه لا يحق للمؤسسات الحكومية منح القروض بعوائد. وهنا لي تعقيب قانوني على هذه المسألة، لكني بداية أنصح النواب الأفاضل بعدم التسرع بالتصريحات النيابية وبضرورة مراجعة المستشارين القانونيين فيما يتعلق بالشق القانوني وذلك تفاديا للوقوع في حرج بطرح معلومات خطأ، فأنتم واجهة الشعب الكويتي ويفترض بكم تحري الدقة كي لا يتم خلط الأوراق وتضليل الشارع الكويتي بمعلومات غير صحيحة. فيما يتعلق بالمخالفة الدستورية التي يدعيها بعض النواب، وحسب وجهة نظري القانونية لا أجد أي مخالفة دستورية في منح القروض بعوائد من قبل أي جهة حكومية وذلك استنادا للمادة (137) من الدستور، التي أعطت الحق للمؤسسات العامة المحلية بأن تقرض أو تكفل قرضا، أما بخصوص المادة (11) من الدستور فكان الأجدر بنوابنا الأفاضل أن ينتبهوا إلى أن هناك قاعدة وهناك استثناء من هذه القاعدة، وحيث إن الغرض الأساسي من إنشاء المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية - وهو تأمين الشيخوخة - لم يتوقف، ما يعني عدم وجود أي إخلال بحقوق المواطنين فيما يتعلق بمنح القروض، فهو خدمة تكميلية لتأمين الغرض الأساسي من إنشاء المؤسسة، وهذا تعزيز لمواد الدستور طالما تصب تلك الخدمة التكميلية في المصلحة العامة، وذلك عبر تحقيق فائض في الميزانية له تأثير إيجابي على تأمين الشيخوخة. أما عدم الاستثمار فيعتبر قيمة مهدرة، لذا يفترض بنا تشجيع الجهات الحكومية على اتباع كافة طرق الاستثمار المشروعة لتحقيق التمويل الذاتي كي لا يكون هناك خطر على المشتركين في المؤسسة بتعريض الميزانية لعجز مالي يصعب معه تطبيق مواد الدستور في تأمين الشيخوخة، ناهيكم عن أن قانون التأمينات الاجتماعية رقم 61 لسنة 1976 في مادته التاسعة قد نص على تشكيل لجنة لاستثمار أموال المؤسسة وذلك بقرار من الوزير ويكون لهذه اللجنة السلطة العليا في تحديد قواعد وبرامج استثمار الأموال، أما المادة رقم (55) من ذات القانون فقد نظمت موارد الصندوق حيث يتكون من حصيلة استثمار أموال الصندوق، ما يدل على أن ما تقوم به المؤسسة فيما يتعلق بمنح القروض بعوائد للمتقاعدين هو تطبيق للدستور والقانون. بل وعلى العكس مما يدعون، فإني أجد أن المقترح المقدم من نوابنا الأفاضل، المتعلق بمنح المتقاعدين قروضا حسنة أو بفائدة منخفضة يعتبر مخالفا للمادة الدستورية رقم(29)، فالناس سواسية في الحقوق والواجبات لا تمييز بينهم، وكذلك هو مخالف للمادة (20) من الدستور حيث الاقتصاد الوطني أساسه العدالة الاجتماعية، ومخالف أيضا للمادة (8) من الدستور حيث تصون الدولة دعامات المجتمع وتكفل تكافؤ الفرص للمواطنين. نوابنا الأفاضل مسؤوليتكم كبيرة أمام المواطن فيما يعرض عليكم من موضوعات، فالتطور الحقيقي هو الذي يتم وفق سياسات مدروسة قوامها الاستقرار الاقتصادي، وبخطى موزونة تراعي متطلبات الإصلاح بعيدا عن العواطف، وبمراعاة مصالح الأجيال الحاضرة والقادمة. لنبتعد عن نهج التكسب الانتخابي، فلم نستفد من هذا النهج غير انحدار الوضع في الكويت وترديه في المجالات كافة.
المحامية / أريج عبد الرحمن حمادة
2017-07-18